الثلاثاء، 1 يونيو 2010

ما الذي يحدث في داخل الجهاز القارئ للبطاقة الذكية

ما الذي يحدث في داخل الجهاز القارئ للبطاقة الذكية
1. تُدْخل البطاقة في الجهاز
2. تُطبق ڤلطية كهربائية على البطاقة
3. يتعارف كل من البطاقة والجهاز أحدهما الآخر
4. يوافق المشتري على قيمة الشراء للصفقة
5. تنقل البطاقة قيمة الشراء إلى الجهاز
6. يُملي الجهاز القارئ على البطاقة رصيدها الجديد (المتبقي)؛ وهكذا تُنقِص البطاقة القيمة المخزنة في داخلها (الرصيد) بما يساوي مبلغ الشراء
7. تتوقف البطاقة عن العمل ويُخرج الجهاز القارئ البطاقة إلى الخارج

ليست البطاقات الذكية ظاهرةً جديدة، فهي في إطار التطوير منذ أواخر السبعينات، وقد شهدت تطبيقاتها الرئيسية في أوروبا التي استُعمل فيها ما يزيد على ربع بليون بطاقة منذ ذلك الوقت. وقد ذهبت الأكثرية الساحقة للشيپّات إلى البطاقات الهاتفية المدفوعة الثمن سلفا، ومع ذلك فقد أدى ازدياد الخبرة بها إلى تخفيض تكاليف التصنيع وتحسين وثوقيتها وإثبات قابليتها للنجاح. وماتزال المعايير (المقايسات) العالمية والوطنية للبطاقات الذكية قيد التطوير لضمان أن هذه البطاقات والأجهزة القارئة لها وكذلك البرمجيات ـ التي يمكن أن تستعمل في العديد من تطبيقاتها ـ يمكن لها أن تعمل بشكل متلاحم وأمين. وتتحكم المعايير الموضوعة من قبل المنظمة الدولية للمعايير ISO، على سبيل المثال، في مواضع التماسات الموجودة على الوجه الأمامي من البطاقة الذكية بحيث يمكن وصل connect أية بطاقة بأي جهاز قارئ للبطاقات.

تشكِّل بطاقات القيمة المخزنة المقابل الإلكتروني للشيكات السياحية، إذ يمكن استعمالها لشراء أشياء تتراوح ما بين وجبات المطاعم الخفيفة ودفع أجرة مواقف السيارات. يشتري المستهلكون البطاقة المحمَّلة سلفا بالقيمة المالية من الأجهزة الموزعة للبطاقات ثم يستعملونها في الصفقات الصغيرة. تنقل الأجهزة القارئة للبطاقات المعلومات إلى المصارف بشكل دوري من أجل إدخال المبالغ في حساب البائع، إما مباشرة أو عن طريق مراكز تصفية الحسابات. ومن الممكن إعادة شحن بطاقات القيمة المخزنة الأكثر تعقيدا، أما البطاقات البسيطة فتهمل بعد استهلاك قيمتها النقدية.

إضافة إلى ذلك، طورت معايير صناعية خاصة لاستعمال البطاقات في مختلف التطبيقات التي تمتد من الهواتف الخلوية الرقمية وتلفزيونات الأقمار الصنعية (السواتل) والكابلات إلى الاستعمالات المالية، بطبيعة الحال. ومؤخرا اتفقت الشركات Visa و Master-Card و Europay على مواصفات مشتركة للبطاقات الذكية التي تحدد البروتوكولات الأساسية للاتصالات بين البطاقات والأجهزة القارئة (وهي مماثلة للمعايير RS-232 التي تتحكم في الاتصالات بين الحواسيب الشخصية والموديمات). وهذه المواصفات من العمومية بمكان بحيث يمكن، فعليا، تبادل أي نوع من المعلومات بين المكوّنات المادية (المعدات) والبرمجيات المتوافقة معها. ويمكن أن يؤدي ذلك الاتفاق إلى إصدار بطاقة موحَّدة للاستعمال في الشراء وفي سحب النقود الآلي وفي دفع ثمن تذاكر الطيران وحتى في الاشتراك في شبكة إنترنت.


تحت الغطاء
تملي المعايير شكل البطاقة ومواضع التماسات الكهربائية عليها، ولكن التقانة المتضمنة فيها أخذت منحى متميزا. تحتوي أبسط بطاقات «الذاكرة» على ذاكرة دائمة فقط وعلى قدر محدود من الدارات المنطقية بغرض التحكم فيها والحماية من العبث. وتُسْتخدم هذه البطاقات بشكل نموذجي كبطاقات هاتفية مدفوعة الثمن سلفا، حيث يسجل مأخذ طرفي داخل جهاز الهاتف على ذاكرة البطاقة رصيدا متناقصا مع استمرار المكالمة، وهكذا ينتهي مفعول البطاقة مع وصول رصيدها إلى الصفر.

إن مدينة سويندون في إنگلترا هي موضع تجربة مستمرة للمنظومة Monodex، وهي عبارة عن «صندوق إلكتروني» تتبادل فيه البطاقات الذكية أموالا إلكترونية. وعلى النقيض من معظم منظومات بطاقات القيمة المخزنة تسمح هذه المنظومة بمرور العملة الإلكترونية من يد إلى أخرى بصورة مستمرة من دون الحاجة إلى إعادة إيداعها في المصرف. يستعمل نحو ربع عدد سكان مدينة سويندون هذه البطاقات في المخازن والمطاعم وآلات غسل الثياب وآلات توزيع الجرائد. كما ستبدأ تجربة أخرى في مدينة گولف بولاية أونتاريو الكندية التي ستقبل فيها حصالات مواقف السيارات هذه البطاقات أيضا.

غير أن البطاقات الذكية تكون أكثر تعقيدا من ذلك، فهي تحتوي على شيپة ذات وحدة معالجة مركزية وعلى مختلف أنواع خلايا الذاكرات القصيرة والطويلة الأمد. ويمكن أن تضم بعض أنواع هذه البطاقات دارة معالجة مكروية (صغرية) مساعدة خاصة من أجل العمليات التعموية هدفها تسريع عمل رسائل التكويد encoding وفك (كسر) التكويد decoding أو توليد سِمات رقمية هدفها المصادقة على المعلومات المنقولة. [وللحصول على المزيد من المعلومات عن هذا النوع من البروتوكولات التعموية التي يمكن استعمالها في البطاقات الذكية انظر: «حماية خصوصية الفرد الإلكترونية»، مجلة العلوم، العددان 6/7(1995)، الصفحة 22]. ولا تضع معايير البطاقات الذكية أي حد على قدرة المعالجة الحاسوبية في البطاقة مادامت أبعاد الشيپة المعالجة تسمح لها بالتموضع في الحيز المخصص لها تحت قاعدة التماسات الكهربائية الموجودة على البطاقة.

يتراوح سعر البطاقات الذكية المتداولة حاليا ـ التي تصنعها شركات مثل Giesecke & Devrient و Gemplus و Schlumberger و Solaic ـ من أقل من دولار واحد إلى عشرين دولارا (السيليكون الموجود في هذه البطاقات تصنعه شركات مثل Motorola و Siemens و SGS-Thompson). وفي المقابل، يتراوح سعر بطاقة شريط مغنطيسي ما بين عشرة سنتات أمريكية وخمسين سنتا، وهذا يعتمد على كون البطاقة محتوية على صورة فوتوغرافية أو على رقعة هولوگرافية holographic patch أم لا، ويعتمد ذلك أيضا على كمية البطاقات المسوَّقة في الوقت ذاته.

وبما أن البطاقات تعتمد على مصدر خارجي للطاقة تؤمنه الواجهة الاتصالية interface لقارئ البطاقة، فستضيع أية معلومات مُخزَّنة في ذاكرة الولوج العشوائي RAM التقليدية كلما استُخرجت البطاقة من الجهاز القارئ، لذا تستعمل المعالِجات المكروية (الصغرية) عدة مئات من البايتات من ذاكرة الولوج العشوائي كذاكرة مؤقتة لإتمام الصفقات الجارية. ويجب على البرمجيات التي تتحكم في عمليات البطاقة البقاء في الذاكرة بشكل دائم، لذا فهي تشغل ما بين 3 و 20 كيلوبايت من الذاكرة الدائمة (ذاكرة «قراءة فقط» ROM). ويثبَّت محتوى ذاكرة «القراءة فقط» على الشيپة عند صنعها. أما البيانات الشخصية أو المالية أو الطبية العائدة لمالك البطاقة فتوجد في ذاكرة متغيرة (وهي تدعى ذاكرة «القراءة فقط» والقابلة للمحي والبرمجة كهربائيا Electrically erasable programmable read-only memory EEPROM تتراوح ما بين واحد و16 كيلوبايت.

إن الحاجة إلى الأمن أثَّرت في تصميم البطاقة وطريقة عملها، وأيضا في داراتها الذاتية وبرمجياتها ، إذ صُمِّمت المعالجات المكروية المستعملة في البطاقات الذكية بشكل محدّد لحصر الوصول إلى المعلومات المخزَّنة ولمنع استعمال البطاقة من قبل جهات غير مسموح لها أصلا بذلك. وبصفة نموذجية، لن تعمل البطاقة إلا ضمن بيئة عمل محددة المواصفات.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن يحاول لصوص إجبار البطاقة على العمل خارج ڤلطية معينة أو مجال تردد ميقات clock frequency معيَّن على أمل إبدائها ضعفا يمكن الاستفادة منه، ولكن البطاقة المصمّمة بشكل صحيح ستفشل فورا في الاستجابة ضمن مثل هذه الظروف. وفي بعض الحالات يمكن تصميم وصلات الدارات بحيث تفقد فعاليتها بعد برمجة البطاقة، وهكذا لن يمكن تغيير البيانات الحيوية لاحقا. ويستعمل صانعو البطاقات طرائق مختلفة لمقاومة العبث بهدف منع سرقة الدارات المكروية بشكل مباشر.

تتطلب معظم البطاقات الذكية تماسات كهربائية بين البطاقة ورؤوس (إبر) الجهاز القارئ للبطاقات، ولكن مجموعة متزايدة من التطبيقات تتطلب ما يدعى بالبطاقات العاملة من دون تماسات. تعمل البطاقات ذات المدى القصير عن طريق الاقتران (الترابط) coupling الكهربائي التحريضي أو السعوي، حيث لا تزيد المسافة بين البطاقة والجهاز القارئ للبطاقات على مليمتر واحد. أما البطاقات ذات المدى الأطول فهي تتخاطب مع الجهاز القارئ للبطاقات بوساطة إشارات راديوية (تقوم الطاقة الراديوية التي يصدرها الجهاز القارئ أيضا بتزويد البطاقات بالطاقة، والتي يجب أن تكون مقتصدة جدا بالتيار.) عادة ما تستعمل البطاقات العاملة من دون تماسات في حالات ينبغي أن تعالج العمليات فيها بشكل سريع جدا، مثل بوابات عبور الأشخاص الآلية. وقد جُرِّب استعمال البطاقات العاملة من دون تماسات في منظومات عبور الأشخاص الموجودة في هونغ كونغ ومدينة واشنطن وفي مدينة مانشستر البريطانية، وفي مايزيد على عشر دول أخرى.

ويعمل المطوِّرون مع الشركات المسوِّقة لتطوير معايير راسخة للبطاقات العاملة من دون تماسات وتلك الطويلة المدى. كما تُبذل جهود حثيثة لوضع أسس معيارية للبطاقات الهجينة التي يمكنها الاتصال مباشرة أو عن طريق وصلات راديوية. وقد بدأت شركة الطيران الألماني Lufthansa، بإصدار بطاقة هجينة لكثيري السفر، حيث يخدم الجزء العامل منها من دون تماسات بمثابة بطاقة هوية لمنظومة إصدار بطاقات السفر (من دون ورق) العائدة للشركة، أما الجزء العامل بالتماسات فهو بطاقة ائتمان ذكية تعمل وفق المعايير الأوروبية.

إن البطاقة الذكية هي إنجاز تقني قائم بذاته، ولكنها مع ذلك أكثر الأجزاء وضوحًا من منظومة صفقات تجارية واسعة تحيط به. ويمكن أن يكون لملامح هذه البنية التحتية تأثير أكبر بكثير في تطور دور البطاقة في المجتمع مما تقوم به مواصفات البطاقة نفسها. لذا من المهم النظر إلى كيفية عمل البطاقة نفسها كجزء من منظومة أكبر بهدف فهم السبب المحتمل لجاذبيتها.

الصورة الكبيرة
على سبيل المثال، لندرس البطاقة ذات القيمة المخزّنة التي تشكل حاليًا التطبيق الأكثر شيوعًا لتقانة البطاقة ذات الشيپّة. تكمن جاذبية هذه البطاقات في التكاليف العالية نسبيا للبدائل منها، مثل بطاقات الائتمان والأوراق النقدية. وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية تكون تكاليف التحقق من صلاحية البطاقة عالية جدًا بشكل لا تسمح فيه بإحراز ربح من الصفقات الاعتيادية إذا قلّت قيمتها عن عدة دولارات. تقلل البطاقة ذات القيمة المُخزّنة من تكاليف الصفقات وذلك بحمل القيمة المالية مباشرة بدلاً من عملها كمؤشر إلى رصيد مصرفي فحسب. وهي تحوّل المعادل الرقمي للنقود الورقية والمعدنية إلى صندوق «تسجيل المبالغ» cash register الرقمي للبائع، ومن ثمّ يمكن إيداعها في المصرف. وهكذا يمكن للأطفال وللسياح ولكلّ من لا يملك حسابًا مصرفيا استعمال هذه البطاقات التي يمكن بيعها بوساطة أجهزة البيع الآلية.
المصدر:
مجلة العلوم:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق